الأحد، 29 أبريل 2012


ماذا قدم الإسلام لكبار السن؟؟
ولئن كانت هذه الرعاية تمتد طوال حياة الإنسان فإن ما يهمنا هنا المرحلة الأخيرة منها وهي مرحلة الهرم، لقد تزايد في الآونة الأخيرة التنادي بالاهتمام بهذه الفئة، وإن كان هذا التنادي بين الدول المعاصرة لم يبرز إلا في السنوات الأخيرة، فإن الإسلام قد نظم هذا الأمر وأكد عليه قبل أكثر من أربعة عشر قرناً، ولقد انعكس ذلك على سلوك وممارسات المسلمين في تعاملهم مع المسنين وليس هذا فحسب، بل إن الرعاية التي منحها الإسلام لهذه الفئة تمتاز بشموليتها وتنوعها.
ولعل من نافلة القول الإشارة إلى أن ما يقدم لكبار السن في العالم الإسلامي يرتكز أساساً على عقيدة إسلامية متينة، تحث على احترام الكبير، وتوقيره، وتقديمه في جوانب شتى من جوانب الحياة المختلفة فالهرم في المجتمع المسلم يعيش في كنف أفراده ويجد له معاملة خاصة تتميز عن الآخرين ولم تقتصر هذه الرعاية والعناية على الهرم المسلم، بل امتدت يد الرعاية لتشمل حتى غير المسلم طالما أنه يعيش بين ظهراني المسلمين، فهاهي كتب التاريخ تسطر بأحرف ساطعة موقف عمر رضي اللّه عنه مع ذلك الشيخ الكبير الضرير، فيذكر أبو يوسف في كتابه الخراج "أن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه مرَّ بباب قوم وعليه سائل يسأل، شيخ  كبير ضرير البصر، فضرب عضده من خلفه فقال: من أي أهل الكتاب أنت؟ قال: يهودي. قال: فما ألجأك إلى ما أرى؟ قال: أسأل الجزية والحاجة والسن. قال: فأخذ عمر رضي اللّه عنه بيده فذهب به إلى منزله، فرضخ له من المنزل بشيء ثم أرسل إلى خازن بيت المال فقال: انظر هذا وضرباءه، فواللّه ما أنصفناه إذ أكلنا شبيبته ثم نخذله عند الهرم، ثم قرأ قوله عز وجل: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين} فالفقراء هم المسلمون والمساكين من أهل الكتاب، ووضع عنه الجزية وعن ضربائه.
 - ولقد امتدت يد الإسلام الحانية إلى كبار السن حتى في حالة الحرب مع الأعداء؛ ففي الوقت الذي لم يعرف العالم الحديث آداب الحرب إلا في القرن الماضي، كان الإسلام قد جاء بها ونظمها قبل أكثر من أربعة عشر قرناً،أما في الإسلام فكانت هذه الآداب الحربية تطبق ابتداءً حتى ولو لم تكن هناك أية اتفاقات أو معاهدات، ر، ولقد اشتملت وصاياه صلى اللّه عليه وسلم إلى الجيوش على عدد من التوجيهات، منها: العناية بالشيوخ وكبار السن والاهتمام بهم وعدم قتلهم أو التعرض لهم
ففي الحادث ورد قوله صلى اللّه عليه وسلم: "اغزوا باسم اللّه فقاتلوا عدو اللّه وعدوكم.. ولا تقتلوا امرأة ولا صغيراً ضرماً ولا كبيراً فانياً ولا تقطعن شــجرة ولا تعقرن نخلاً ولا تهدموا بيتاً".
 وفي الوقت الذي كان المسن يجد فيه كل تقدير واحترام ورعاية وتوقير من قبل أفراد المجتمع المسلم وبتوجيه من دينه الحنيف وتأكيد من رسوله العظيم صلى اللّه عليه وسلم نجد أن المسن يعيش في حالة متردية في بعض الحضارات الأخرى فها هو إفلاطون مثلاً يرى أن العناية يجب أن توجه إلى أصحاب الأجسام السوية، والعقول القـوية، وأمـا ما عداهم فيهملون ليكون نصيبهم الموت!.

لذلك لا عجب أن نجد الدراسات حول سوء معاملة المسنين في الغرب قد تزايدت مؤخراً، وبدأت تأخذ فصولاً عديدة في القانون، وأصبحت قضاياهم تمثل نسبة مرتفعة من الدعاوى في المحاكم الجزائية، فمع بداية عام 5891م قامت عدة ولايات أمريكية بسن القوانين التي تتعلق بسوء معاملة المسنين واعتبرت المسيء إلى المسنين بالضرب أو منع الطعام بمثابة المخل بالقانون، وهذا أدى بدوره إلى تزايد ظـــاهرة إنشاء مساكن المسنين في عدد من الدول الغـــربية. لاســـتنقاذهم من الإهمال الذي قد يجدونه من أسرهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق